رأس الخيمة مخزن السلاح الإيراني المهرب

بتاريخ الثلاثاء، 26 أكتوبر 2010

لا يكاد يمضي أسبوع إلا و نسمع أخبارا عن مصادرة أجهزة أمن الدولة لأسلحة مهربة من إيران للتخزين في رأس الخيمة.

لقد كانت تلك المداهمات الأمنية تجري في جو من السرية الشديدة و الكتمان حتى لا تفوح رائحتها أمام الملأ فتوصف الدولة باختلال الأمن فيها أو أن بعض الشخصيات المتنفذة في المراكز الحساسة قامت بخيانة ضميرها و شرعت أبواب الإمارة للتهريب و أي تهريب ، إنه تجهيز للخراب القادم المحتمل .

بعد تفاقم الظاهرة الخطيرة هذه لم يعد بالإمكان إبقاء الأمر سرا فأصبح الحديث علنا و أصبحت المداهمات على مرأى و مسمع من الجميع لخروج الأمر عن الحد المألوف أو تعديه لحدود الكتمان . فمرة تطالعنا المصادر الإعلامية المختلفة عن تفكيك خلايا نائمة تابعة لإيران كانت تنوي القيام بأعمال إرهابية ضد مؤسسات حيوية في الدولة ، و مرة تقوم أجهزة أمن الدولة بمداهمات لخلايا القاعدة التي تستثمر التواطؤ الرسمي في الإمارة في استيراد أسلحة و متفجرات من إيران عبر مطار رأس الخيمة أو عبر موانئها ، ومرات عديدة ، تصارد تلك الأجهزة كميات من السلاح المهرب و المخبأ في الإمارة .

و أكثر من مرة اعترضت دورية حدود السواحل سفنا قادمة من إيران متجهة إلى ميناء الجزيرة الحمرا التابع لسعود ، و من ثم سمحت لها بالمرور إلى وجهتها الأخيرة ، و هناك كان جهاز أمن الدولة في استقبالها و عند تفتيش تلك السفن يتبين أنها محملة بالسلاح و الذخيرة حيث تقوم فرقة جهاز الأمن بمصادرة الحمولة . الجدير بالذكر هنا أن منطقة الجزيرة الحمرا تم بيع معظم استثماراتها للحرس الثوري الإيراني حتى أن بعضهم يملك ميناءا خاصا بمنزله ! الأمر الذي اضطر بسببه رئيس الدولة في إصدار قرار بوقف عمليات بيع الأراضي و تجميد العقود السابقة التي تم توقيعها مع حرس الثورة الإيراني.

و لكن الأمر لا يتوقف عند هذه السفن ، ولم يستسلم سعود لجهود أجهزة الأمن في تطهير الإمارة مما يتدفق فيها من أسلحة و متفجرات ، فدائما ما تأتيه الحلول البديلة من قيادة الثورة الإيرانية التي تتولى شئون الإمارة سريا بينما يبقى هو الواجهة و الحامي الرسمي لتلك العمليات. وقبل فترة عثر حرس الحدود على كمية من الأسلحة و الذخيرة مقابل فندق الهيلتون الجديد برأس الخيمة ، المقام على البحر، و بعد التحريات التي لم تستمر طويلا اكتشفت قوات أمن الدولة بأن سوق السمك بالمعيريض ليس سوى مخزنا للأسلحة و المتفجرات التي تأتي بها قوارب الصيد الإيرانية و يتم تخزينها في السوق و من ثم توزيعها بشكل منظم على الخلايا النائمة المنتشرة في جميع إمارات الدولة .

أما ميناء الدارة في خور خوير فقد اتخذت الحكومة الاتحادية أمرا بإغلاقه بسبب عمليات التهريب الكبيرة و المستمرة التي لم تتمكن أجهزة الأمن من متابعتها بدقة لكثرتها من جهة و لتنوع أساليب التهريب التي تعتمدها إيران من الجهة الأخرى ، وعينت الدولة مديرا أجنبيا للميناء تابعا للحكومة الاتحادية الذي يقوم بإغلاق الميناء ليلا أمام الملاحة البحرية . وما زاد الطين بلة هي تلك الشكوى العمانية من تدفق السلاح على منطقة خصب عبر المنطقة الحدودية المشتركة مع رأس الخيمة و أثار الموضوع حينها أزمة ديبلوماسية بين البلدين . لكن ماذا حدث بعد هذا الإجراء الأمني الاتحادي ؟

أصبحت الشاحنات تأتي إلى الميناء بعد الساعة الثانية عشر ليلا لإفراغ حمولات التهريب لإيران و في نفس الوقت يتم تفريغ القوارب الإيرانية التي تشحن بضاعتها المهربة و هي بالطبع السلاح و المخدرات في تلك الشاحنات التي تذهب بها إلى جهات غير معلومة لتخزينها ! هذا الأمر مثير للشك و الريبة ، فعندما تعمد الحكومة الاتحادية إلى وضع المرفأ تحت تصرفها و مراقبتها كيف يمكن لنا أن نتصور أنها لا تعلم بما يدور فيه بعد الساعة الثانية عشر ليلا ؟ يبدو أن هناك من يتواطئ مع سعود في تلك العمليات الآثمة و ما وضع المرفأ نهارا تحت سلطة الحكومة الاتحادية إلا نوع من ذر الرماد في العيون في وضح النهار أما الليل فستّار العيوب .

و الآن تتفاعل قضية تهريب الوقود إلي إيران حيث تستخدم خزانات النفط في الميناء بتخزين الوقود الذي تحمله صهاريج آدنوك و أيبكو بدلا من توجهها للتفريغ في محطات تويد الوقود في الإمارة . سنعود لهذا الأمر بالتفصيل في موضوع قادم .

لقد جاء سعود بشعارات براقة في جعل إمارة رأس الخيمة تضاهي دبي اقتصاديا و نهضويا و تبين أن تلك الشعارات لم تكن سوى الستار الذي اتخذه لتغطية أنشطته المشبوهة في جعل الإمارة وكرا لعصابات المافيا و ملاذا للمجرمين و الأعداء و مدفنا لتخزين السلاح و السموم ـ و المواطن المغلوب على أمره في هذه الدولة هو الذي يدفع الثمن مضاعفا و يدفع معه حياته