بين الإرهاب و التهريب ـ راس الخيمة تغرق و الدولة في موقف مريب

بتاريخ السبت، 26 سبتمبر 2009
| أكتب تعليقا






إن ما حدث بالنسبة لقضية الخلية الإرهابية من ردة فعل إماراتية لم يكن متوقعا أبدا ، فلم تتخذ دولة الإمارات أي إجراء حاسم ضد من يقف خلف تلك الخلية و يسخر الوطن لتهريب السلاح الذي سوف تدمر به أهدافا في الدولة .


مثل تلك الأفعال التخريبية يضرب على مرتكبيها بيد من حديد لأنها تدخل في صميم الخيانة العظمى للوطن التي لا يقل عقابها عن الحكم بالإعدام على المتهمين الذين تثبت إدانتهم و من يقف خلف تلك الأعمال الإرهابية . إلا أن ردة الفعل الرسمية في دولة الإمارت توصف بالفتور المريب الذي يثير الأسئلة حولها .


قبل عدة أشهر قامت وسائل إعلام و مواقع إليكترونية بنشر فيديو يصور الشيخ عيسى بن زايد شقيق الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي و هو يقوم بتعذيب مواطن أفغاني بسبب قضية شخصية بينهما ، و حينها اتخذ الشيخ محمد موقفا حازما من أخيه فوضعه تحت الإقامة الجبرية و تم تقديمه للمحاكمة و نشرت وسائل الإعلام الإماراتية هذا الخبر .


إلا أن المثير في الأمر أن محمد بن زايد الذي يدير دفة الحكم في أبوظبي و يؤثر في قرار الدولة الرسمي لم يتخذ أي موقف صارم تجاه سعود بن صقر الذي أثبتت اعترافات الخلية الإرهابية أن الأسلحة كانت تصلها من إيران عن طريق مطار رأس الخيمة و أن الطائرات التي كانت تنقل تلك الأسلحة تتمتع بحصانة ضد التفتيش ، و هذا الأمر لا يمكن أن يحدث إلا بأوامر حكومية عليا مما يعني أن سعود هو من يصدر تلك الأوامر لسلطات المطار .


كما نشرت وسائل الإعلام المختلفة تقارير مثيرة جدا للقلق بخصوص نشاط إيران في رأس الخيمة و عمليات التهريب منها و إليها عن طريق مطار و موانئ رأس الخيمة ، الأمر الذي لا يخدم مصلحة الدولة بل على العكس من ذلك يعمل على إحداث الضرر بها و بالمناطق المجاورة ، و يتجاوز ذلك إلى إحداث ضرر لدول أخرى .


فتلك الخلية التي كانت تنوى إحداث أعمال إرهابية لأهداف معينة بدبي و قواعد عسكرية في أبوظبي قد تكون فرنسية أو أمريكية و إنها بهذا العمل تكون قد سببت أذى لدول خارجية تقيم علاقات متميزة مع دولة الإمارات باعتبارها دولة صديقة تحافظ على أمنها و أمن مواطنيها و المقيمين على أرضها . لقد نشرت وكالات الأنباء العالمية أنه تم التحفظ على أشرطة فيديو كانت بحوزة الخلية تصور أهدافا معينة في دبي لتدريب أفرادها على مهاجمتها لحظة تنفيذ الأمر و الذي كان من المتوقع أن يكون في الثاني من ديسمبر الذي كان مقررا أن يفتتح به برج دبي ، المبنى الأعلى في العالم .


لكن ما يحدث و يثير الاستغراب أنه بعد إثارة هذه القضية على وسائل الإعلام العالمية نرى أن القيادة الاتحادية تصدر أوامرها لوسائل الإعلام بعدم تناول الخبر و التعتيم عليه ، بل أن أخبار سعود و استقبالاته و زياراته تبثها وكالة الأنباء الرسمية ( وام ) و كأنه لا ناقة له و لا جمل فيما يحدث من إرهاب في الإمارة ، بل تجاوز الإعلام الرسمي دوره في التركيز على استقباله من قبل قيادة الدولة بكل حفاوة لبيان مدى التقارب بينه و بين أفراد الأسرة الحاكمة في أبوظبي .


و السؤال هنا ، ترى هل تعتبر قضية الأفغاني الشخصية أمرا مهما بالدرجة التي تعاملت بها الدولة ضد عيسى بن زايد بينما لا تعتبر قضية الإرهاب و تهديد أمنها من الأهمية بمكان بحيث يُتَّخذ نفس الإجراء ضد سعود ؟ و إلا بماذا تفسر ردة الفعل تلك ؟


لقد أمضى محمد بن زايد عدة أيام في الولايات المتحدة يحاول فيها جمع أكبر عدد ممكن من أصوات أعضاء الكونجرس للموافقة على بناء المفاعل النووي و بيع الوقود النووي للإمارات ، ترى هل سيمضي الكونجرس قدما في التصويت على تلك المعاهدة برغم ما يثار الآن من تساءلات تطرحها وسائل الإعلام العالمية حول مستوى الأمن في الإمارات ، و حول فتور ردة الفعل الإماراتية الرسمية في التعامل مع أعضاء الخلية و من يقف خلفها و يمهد لإيران الطريق لتهريب الأسلحة و المتفجرات إليها ؟ ثم و إن افترضنا موافقة الكونجرس على تمرير تلك الاتفاقية ، هل ستمضي الولايات المتحدة قدما في بناء المفاعل ، علما بأن الكونجرس يملك الحق في إلغاء الاتفاق في أية لحظة يرى أن وجود مثل هذا الأمر قد يهدد المصالح الأمريكية؟


إن السؤال الذي يدور في الأذهان الآن هو سر التعاطي الرسمي من قبل الدولة الذي اتسم بالريبة و الشكوك و يجب الإجابة عليه بكل شفافية لعله يكشف بعض الغموض في تلك العلاقة التي تربط بين سعود بن صقر و بعض أصحاب القرار في الدولة التي تجعل من السهل عليهم التضحية بأمن الدولة و مواطنيها و مصالح الدول التي ترتبط بها و تثق فيها و تقيم معها علاقات مميزة و قواعد عسكرية لحمايتها ، جعلت منها هذه الخلايا أهدافا لها.

These icons link to social bookmarking sites where readers can share and discover new web pages.
  • Digg
  • Sphinn
  • del.icio.us
  • Facebook
  • Mixx
  • Google
  • Furl
  • Reddit
  • Spurl
  • StumbleUpon
  • Technorati

المدونة في سطور

أرشيف المدونة