شركات المخابرات العربية

بتاريخ الجمعة، 11 مارس 2011
| أكتب تعليقا

قد يكون العنوان غريبا شيئا ما لكنه في الحقيقة هو الواقع الذي تعيشه البلدان العربية حين تكون حكوماتها في محل خوف و قلق من شعوبها فتقوم باستئجار الشركات الأمنية و العناصر الأمنية من جنسيات مخنلفة لتكون الحامي لها و الرقيب على شعوبها و المنفذ لصنوف تعذيب أبناء الشعب و تدير السجون و تعمل في السلك الشرطي و الأمني لإرهاب المواطن .

دولة الإمارات مثلا نموذجا من هذه النماذج التي تعتمد بشكل كبير و أساسي على أجهزة الأمن و المخابرات التي تشتمل على جنسيات أجنبية ، فلا نفاجأ حين نشاهد شرطي من جنسية موريتانية أو هندية أو نرى الذي يعذب في السجن من جنسية باكستانية أو سودانية أو أحد أفراد الأمن من جنسية مغربية بربرية أو يمنية أو حتى شركات أمنية غربية و لعلّ أهمها شركة بلاك ووتر الأمريكية التي قامت بالكثير من الجرائم بحق الشعب العراقي و هي شركة أصولية هدفها الأول محاربة الدين و قتل المسلمين و تواجه محاكمات بتهم جرائم حرب في بلدها لكنها وجدت في الإمارات موطئ قدم لها تكمل فيه مشوارها في الجريمة.

في رأس الخيمة مثلا أصبحت كلاب سعود المسعورة تندس بين المواطنين و تسجل كل حركة و نفَس و قول على المواطنين لتقييم إن كان هذا المواطن مخلصا لسعود أم لا و كانت النتيجة أن مواطني رأس اخيمة ليسوا كذلك بل أنهم يمقتونه ويرفضون وجوده فبدأت آلة القمع الانتقامية تعمل في هذا الشعب المظلوم ، فسلبت أملاكه و صودرت ، و الكثير يتم فصلهم من وظائفهم سواء الاتحادية أو المحلية و العديد منهم يزج بهم في السجون و يساوم آخرين على رزقهم و سلامتهم إن لم يظهروا فروض الولاء و الاحترام و الحب لسعود ، و هذه حالة تكاد تنفرد بها رأس الخيمة بين إمارات الدولة .

هل يمكن لأجهزة الأمن و المخابرات أن تخلق جوا من الود و الانسجام بين السلطة و الشعب؟ و هل بالإكراه و التهديد يمكن أن تحدث اللحمة الحميمة بين السلطة و الشعب ؟ أو هل تستطيع الحكومات أن تكسب ولاء شعوبها تحت تهديد أجهزتها الأمنية ؟ لعل الأحداث الأخيرة في الوطن العربي و خاصة تونس و مصر و ليبيا بينت بشكل جلي و كبير كيف استطاعت هذه الأجهزة في خلق حالة من الخوف و الهلع و الكره في نفس المواطن فأوجدت شرخا عميقا بين السلطة و الشعب الذي أصبح يوغل في العمق أكثر كلما زاد القمع الذي تمارسه هذه الأجهزة إلى أن بلغ الحد الذي لم يعد يمحتملا فأوصل إلى لحظة الإنفجار الثورية التاريخية التي شهدتها هذه الدول و أصبح أحد أهم أهداف هذه الثورات هو حل هذا الجهاز اللعين الذي قض مضاجعهم و خرب بيوتهم وزرع الحزن و الألم في أرواحهم على مدى عقود من الزمن و كان لهم ما كان فأصبحت عناصر الجهاز مطاردة من قبل الشعب و الحكومات الانتقالية و أصبحوا نزلاء زنازين السجون التي كانوا ينزلون بها أبناء الشعب لممارسة صنوف العذاب و القتل بحق الأبرياء دون وجه حق . إن حالة مصر و تونس تنذر بانتشار الظاهرة لتشمل كل أرجاء الوطن العربي التي تتشابه جميعها في أساليبها القمعية التي تبادلن خبراتها بينها فأصبحت كل دولة نسخة من أخرى في هذا الأسلوب القمعي .

نشرت جريدة القدس مقالا لكاتب عربي ( أيمن خالد) بعنوان :

شركات المخابرات العربية

أيمن خالد

الذي أنجزه ملوك وزعماء العرب خلال العقود الماضية هو صناعتهم وإدارتهم لشركات المخابرات في بلدانهم، وظل العمل الأول للزعماء العرب بامتياز، يتمثل في السيطرة على الشعوب، وإحاطتها بأجواء من الوهم والتضليل والتزييف، ومحاولة تغيير الخط الطبيعي لسير الشعوب العربية، حتى غرق الوطن العربي في تناقضاته داخلياً، ناهيك عن الرعب، الذي ظل سمة مميزة.

فالانتهاكات في السجون العربية فوق خيال البشر من شدة بشاعتها، أما الطاقات والإبداعات، فقد هربت إلى البلدان الصناعية، التي استفادت من الخبراء العرب الذين روعتهم الأنظمة، تماما كما استفاد الغرب من خبراء ألمانيا النازية بعد اندثارها، وباختصار، فالنظام العربي الرسمي هو امتداد لنماذج الرعب التاريخية، التي تحمل عناوين الأمم، وتمارس سطوة المستبدين الذين لا يفعلون لهذه الأمم شيئاً.
وبما أن عمل المخابرات يقوم على التضليل، فإن شركات المخابرات العربية أنتجت جيوشا من المضللين، خصوصاً الإعلام، وأوكلت إليهم صناعة الـــرأي العام كما يريد هؤلاء الزعـــــــماء، الذين بالــطــبع أصبحوا في وسائل الإعلام العربية معجزة زمانهم، فالناس بغيــــــر الملك أو الزعيم لا وجود لهم ولا قيـــمة لمستقبلهم، وحتى دخل مرحلة التضليل هذه، مشايخ وعلماء دين وظيفتهم إدخال الناس الجنة او النار، بحسب رأي السلطان.

هناك قوانين بسيطة لحكم الشعوب، ولتحقيق الرفاهية والقضاء على البطالة، ولن نتحدث هنا عن الوحـــدة العربية أو إسرائيل، ولكن نريد الحديث عن هذه الدولة القطرية المسخ، التي تستطيع أن تكون حتى بجغرافيتها الضيقة بلدا مريحا لسكانه، لكن الزعماء العرب (زعماء شركات المخابرات العربية) والحمد لله، أقسموا على أنفسهم أن يقضوا مضاجع هذا الشعب وأن لا يتركوه يرتاح أبدا.

المعادلة بسيطة جدا وليست صعبة، ففي أي بلد عربي، عندما يتم بناء المصانع مهما كان نتاجها وإمكاناتها، فالمصنع بحد ذاته يقوم بتوفير مئات آلاف فرص العمل، ومقابل ذلك، عندما نغلق المصنع، ونكتفي بالاستيراد، فنحن نحرم العمال من فرص العمل، وبهذه المعادلة البسيطة جدا، يمكن لنا أن نفهم حرص الأنظمة على تدمير المصانع، ومحاصرة الفلاحين وإفقارهم بتدمير الزراعات التي تحقق الأمن الغذائي والوطني، والانتقال إلى معادلة الاستيراد فقط، التي لا تنظر للربح فقط، بل هدفها الأساس، المساس بأمن المواطن وجعل هذا الوطن ملحقا بالشركات الأجنبية.

لن نختلف مع الزعماء العرب، فهم يسمحون بالاستيراد الحر إيمانا منهم بحرية التجارة، ولكننا أيضا نجد أن التجار وكبار التجار، هم فقط الزعماء العرب أنفسهم، عبر أسماء وهمية أو حقيقية تشمل حاشيتهم الخاصة، وهكذا تحت هذه المعادلة، لا يكتفي الزعماء العرب بسرقة أموال بلادهم، ولا يكتفون بكونهم زعماء، بل لديهم أعمال إضافية خارج الدوام الرسمي، فهم يشتغلون بالتجارة، ويبيعون ويشترون ويستوردون، وبالمقابل يمنعون أي قوة اجتماعية أو اقتصادية من الظهور على الأرض، فهم منافس دموي بشع، يمكنهم استخدام سلطة المخابرات للترويع وسفك الدماء في وجه من يحاول أن يمس برنامجهم التجاري.

معادلة الحاكم والمحكوم بسيطة، وهي أن الحاكم يعمل على تنظيم الحياة وحل المشكلات بين الناس، ولكن معادلة الوطن العربي عجيبة جدا، تقوم على تأليه الحاكم، وحقه بعمل كل شيء، واستباحة الناس، وتشغيلهم خدما للسلاطين، وفوق ذلك عليهــــم أن يجوعوا ويعطشوا ويحققوا كل أنواع الصيام لأجل أن يشبع الحاكم فقط. لا أعرف بالضبط، من يحكمنا، فإذا كان الزعماء العرب يسرقون أموال شعوبهم ويعملون على إيداعها في البنوك الغربية التي بدورها تمول الصناعة الغربية كلها، فهل هذه رشاوى يقدمها الزعماء العرب للغرب، أم هي معادلة الاستعمار نفسه، أن يتم نهب ثرواتنا والاستفادة منها في بلادهم وترك شعوبنا في فقر شديد.

كما حكمت أمريكا الجنوبية ذات يوم الشركات الاستعمارية، نحن محكومون منذ زمن طويل بشركات المخابرات، بغض النظر عن لون العلم، وتفاصيل برامج الحكم المعلنة.

http://www.alquds.co.uk/scripts/print.asp?fname=data\2011\03\03-10\10qpt476.htm

These icons link to social bookmarking sites where readers can share and discover new web pages.
  • Digg
  • Sphinn
  • del.icio.us
  • Facebook
  • Mixx
  • Google
  • Furl
  • Reddit
  • Spurl
  • StumbleUpon
  • Technorati

المدونة في سطور

أرشيف المدونة