موجة غلاء جديدة تزيد من فقر المواطن

بتاريخ الاثنين، 17 يناير 2011
| أكتب تعليقا

ارتفاع الأسعار
دولة الإمارات دولة نفطية غنية بعدد قليل من المواطنين ، و لكن الغريب المتناقض في الأمر أنه كلما ارتفع سعر النفط المصدّر منها و زاد دخلها كلما تدنى دخل المواطن فيها أو بمعنى أصح لا يستطيع مواكبة الأسعارالجنونية للسلع التي يعتاش منها .
قبل عدة أيام أعلنت شركات البترول في الدولة رفع أسعار الديزل للمرة (السابعة ) خلال ( 18 شهر!) فماهو الدافع لمثل هذا القرار و نحن دولة نفطية تستطيع دعم السلع الضرورية جميعها و على رأسها النفط و جميع مشتقاته . فما هو السر وراء رفع أسعار النفط بطريقة تصاعدية في مدد وجيزة ، أما كان أجدر بدولة الإمارات أن تحذو حذو الدول النفطية المجاورة التي تدعم حكوماتها هذه السلع إضافة إلى السلع الأساسية تخفيفا عن كاهل المواطن و المقيم . سلطنة عمان مثلا برغم عدم اعتبارها دولة نفطية إلا أنها تدعم هذه السلعة الحساسة لجميع قاطني أرضها بل و أبعد من ذلك حيث أن الكثير من سكان دولة الإمارات الدولة النفطية الغنية و الذين يعيشون بالقرب من السلطنة كالبريمي و العين يعبرون الحدود الإماراتية العمانية لتعبئة مركابتهم بالوقود المدعوم في عمان ! أليس ذلك أمرٍ مخزٍ يا دولة الإمارات؟ تجدر الإشارة أن سعر ليتر البنزين في دولة الإمارات يبلغ ( 50 ) سنتا أمريكيا قابل للزيادة بينما يبلغ في فنزويلا (5) سنتات أي يستطيع الشخص تعبئة سيارته بالوقود بدولار واحد فقط أو دولارين حسب سعة خزان الوقود و في تركمنستان ( 2 ) سنت فقط لتصبح تعبئة الخزان بأقل من نصف دولار .. يأتي ذلك سعيا من حكومات هذه البلدان في دعم هذه السلعة الهامة حماية لمواطنيها و حماية لسوقها من التضخم و الارتفاع الجنوني في الأسعار الذي سيؤثر سلبا على مجتمعاتها ... برغم عدد السكان الكبير في هاتين الدولتين مقارنة بدولة الإمارات !!
اليوم تفاجئنا وزارة الاقتصاد برفع أسعار معظم السلع الاستهلاكية بنسب تتراوح بين 10- 20 % بينما تصل زيادة أسعار السكر و الأرز الذي تحتكر تجارته عائلة الغرير إضافة إلى شركة هندية شريك للغرير بنسبة 25% علما بأنه السلعة الأكثر ضرورة بالنسبة لسكان الدولة . ترى هل تعجز دولة الإمارات النفطية الغنية عن دعم أسعار السلع الأساسية لتخفيف العبأ على المستهلك خاصة المواطن الذي بات محتارا بين توفير ما يسد به رمق أبنائه أو يسدد به فواتير الكهرباء و الماء و الوقود أو يدفع به إيجار المنزل الذي استأجره من الوافد أو يسدد بعض أقساط البنك أو ... أو ...
نسبة المواطنين في الدولة تدنت إلى ما دون العشرين بالمئة من السكان شاملة مئات الآلاف من المجنسين الذين حطت بهم الطائرات من بلدانهم على أرض العاصمة و هم يحملون الوثيقة الإماراتية لزيادة عدد مواطنيها ! بينما نسبة المواطنين الحقيقية فلا تكاد تصل إلى 200 ألف ويقع الكثير منهم تحت خط الفقر خاصة في الإمارات الشمالية . ففي إمارة رأس الخيمة مثلا التي تتحكم بها عائلة الغرير التجارية ممثلة بابنها سعود الذي أستقدم الأغراب و الأجانب ليحلوا محل المواطن ، يعيش معظم سكانها على شظف العيش بعد أن لفظتهم دولتهم و اغتصبت حقوقهم عصابة سعود و الغرير و خاطر مسعد. فالموظف في الحكومة المحلية الذي يصل راتبه إلى ثلاثة آلاف درهم كيف يمكن له أن يعيش بها في ظل ظروف الغلاء الفاحش الذي يتصاعد يوما بعد يوم؟ و كيف له أن يربي جيل المستقبل الذي تخطط له دول العالم منذ يومه الأول كي يصبح عضوا منتجا فاعلا في المستقبل لخدمة وطنه. لنا أن نتصور مدى الإحباط و القهر و العوز و الحاجة التي تلف حياة هذا المواطن البائس الذي يرى تركز ثروات الدولة في عائلات معدودة تأكل العنب و يأكل هو الحصرم.
لقد عايش العالم أجمع ثورة أبناء تونس الذين دفعهم الفقر و الجوع إلى الخروج إلى الشارع و المطالبة بحقوقهم المغتصبة و قد دفع خيرة شباب هذا البلد أرواحهم و سالت دمائهم على أرض تونس فداء لحريتهم و كرامتهم و حقوقهم تأسيا بقول رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : "من مات دون أرضه فهو شهيد، ومن مات دون عرضه فهو شهيد، ومن مات دون ماله فهو شهيد" رواه الترمذي -- و من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه. رواه مسلم . فهؤلاء الشهداء الذين روت دمائهم أرض الكرامة ماتوا دون مالهم الذي أغتصبته منهم عصابة الديكتاتور و جعلتهم يعانون البطالة و الجوع و العوز بينما تستولي هذه العصابة على ثروات البلد و تستثمرها لمصالحها الشخصية ، و كم هو التشابه الصارخ بين ما يحدث هناك في تونس و ما يحدث هنا في دولة الإمارات.
هذه الدولة المفرطة الغنى لا يظهر ثراؤها سوى على أعداد محدودة يتمتعون بالتفرد بالسلطة و التحكم بالسوق و القرار بينما يئن باقي الشعب تحت وطأة البطالة و الحاجة. رأس الخيمة مثلا إمارة مغتصبة من قبل سعود و أخواله و إخوته و ثلة الأغراب تتضخم ثرواتهم في الداخل و الخارج بينما يسكن بعض مواطني الإمارة في بيت الصفيح و آخرين يستأجرون من الغريب و البعض في منازل شعبية مرت عقود على عمرها الافتراضي و آيلة للسقوط على رؤسهم في أية لحظة ، أليس لمثل هذا الإحباط أن يولد إنفجارا من نوعا ما في هذا الشعب المضطهد في ظل تجاهل متعمد من قبل دولتهم التي لا همّ لها سوى رفع أسعار الحياة بكل أشكالها حتى تزيد من وطأة الفقر لهؤلاء المظلومين !

These icons link to social bookmarking sites where readers can share and discover new web pages.
  • Digg
  • Sphinn
  • del.icio.us
  • Facebook
  • Mixx
  • Google
  • Furl
  • Reddit
  • Spurl
  • StumbleUpon
  • Technorati

المدونة في سطور

أرشيف المدونة