سياسة الخلافة في رأس الخيمة

بتاريخ الجمعة، 12 نوفمبر 2010
| أكتب تعليقا

كريستوفر دافيدسون: في الاسبوع الماضي، قفزت امارة صغيرة في الخليج الفارسي الى مسرح الاحداث العالمية بعد ان شهد الجميع الحلقة الاخيرة من الصراع الاخوي على الحكم فيها.

وعلى الرغم من كون الامارة خالية من النفط او الغاز، فازت هذه الامارة بالكثير من الاهتمام من قبل القريب والبعيد بسبب تاريخ الامارة المتقلب كثيراً، وكونها احدى الامارات السبع المكونة لدولة الامارات، لذلك كان استقرارها دوماً مثار قلق من قبل الامارات الاغنى في هذا الاتحاد واعني دبي وابوظبي، وخصوصا بالاخذ بنظر الاعتبار نسبة سكانها من المواطنين الاماراتيين التي تعتبر الاعلى في بلد مشبع بالعمال الاجانب، بالاضافة الى كون الامارة هي الاقرب الى ايران وتقع بالقرب في نقطة محورية وبالقرب من الممرات الملاحية لناقلات النفط من المضيق الذي اصبح نقطة المواجهة الاسوع بين الولايات المتحدة وطهران.

حكمت امارة رأس الخيمة من قبل بطاركة قبيلة القواسم اللذين كانوا مدعومين ومحميين من بريطانيا منذ 1820 وحتى انسحاب الاستعمار البريطاني من الخليج الفارسي عام 1971 ووصل الشيخ الراحل صقر الى الحكم عام 1948 حيث عانى كثيراً في محاولته اللحاق بالتطوير الذي يجري في ابوظبي ودبي، وقررعام 1972 الانضمام الى الاتحاد الذي انشئ بين الامارات  وذلك بعد اشهر من قيام الاتحاد فعلاً.

ومع فشله في العثور على النفط، لم يكن هناك العديد من الخيارات المتاحة امام الشيخ صقر لذلك كان عليه الدخول في تلك العلاقة مع الامارات الغنية.

وعلى الرغم من بقاء رأس الخيمة فقيرة نسبياً بالمقارنة مع دبي وابوظبي، الا ان صقر واجه معارضة قليلة خلال حكمه حيث نجح في الحصول على دعم معظم القبائل في الامارة الذين دمجهم في وظائف القطاع العام ووزع عليهم الاعانات الاتحادية المحددوة التي حصل عليها، وقد لعب ابنه الاكبر الشيخ خالد بن صقر القاسمي دور ولي العهد منذ عام 1958 وعمل نائباً له في حيث لعب ابناءه الصغار الادوار الاخرى في ديوان الحاكم والمكاتب الحكومية المختلفة.

في عام 2003 وبعد ان زعم ان الشيخ خالد احرق العلم الامريكي على رأس مظاهرة ضد الحرب في العراق، حل الابن الثالث لصقر الشيخ سعود بن صقر القاسمي محل الشيخ خالد، وكان مرسوم صدر عن الشيخ صقر هو الدعم الواضح الذي قدمه الرجل المريض لابنه وكان يبدو ان سعود حصل على دعم بقية افراد العائلة الحاكمة.

بدأ الشيخ سعود برنامج تنمية لتنويع اقتصاد الامارة عن طريق انشاء قطاعات العقارات والصناعة والسياحة ، وامل سعود في الاستفادة من نجاحات دبي المجاورة، ودفع مبالغ طائلة لملحق صدر في مجلة فورين افيريس (مجلة شؤون خارجية الامريكية) للحديث عن خططه، وما هو اهم من ذلك، حصل سعود على دعم ابوظبي المجاورة حيث نشرت الدبابات الاتحادية في العديد من زوايا الامارة وهي قادمة من العاصمة.

مؤيدو خالد تظاهروا في الشوارع متغنين باسمه وهو يرفعون الاعلام، لكن تم فتح خراطيم المياه عليهم وتفرقوا ، وقد تم اجبار خالد على الخروج من رأس الخيمة بالعبور من خلال الحدود مع عمان ومن ثم العيش في الولايات المتحدة وبريطانيا.

بدأ برنامج رأس الخيمة للتنمية الخاطئة يتعثر في 2008، وكان سعود عرضة للانتقادات في اعقاب الانهيار الاقتصادي في دبي.

وبينما كان يقيم في الخارج، بدأ خالد الاستعانة بشركة علاقات عامة خارجية ومحام بريطاني لبدء حملة في وسائل الاعلام الدولية بهدف اقناع ابوظبي وبقية الامارات ان سعود لم يكن اهلاً للمسؤولية وانه يجب اعادة الشيخ خالد.

ركزت الحملة الاعلامية على استحقاقات خالد القانونية ليكون ولياً للعهد، وزعم ان المرسوم الذي اعلن عام 2003 لم يكن موثقاً من والده وانه في وقت لاحق تم توقيع مرسوم عام 2004 لنقض القرار 2003 ، كما ركزت الحملة على اتصالات سعود مع ايران مشيراً ان احد نوابه اللبنانيين المؤثرين لديه علاقات تجارية مع هذا البلد ولديه مصانع ايضاً.

في عام 2009 وفي خضم هذه الحملة قيل ان مسؤولي الجمارك الايرانيين يزورون موانئ رأس الخيمة وان الامارة تستخدم كقناة لنقل المواد النووية الموجهة لايران، وسلط الضوء اعلامياً على العلاقات بين القاعدة ورأس الخيمة حينما تم تسريب خبر وجود مخطط ارهابي في الامارات يحاول من بين ما يهدفه تفجير برج خليفة من خلال خلية في رأس الخيمة.

هذا الصيف كان هناك اشارات ان حملة خالد بدأت تؤتى ثمارها، وقد سمحت العائلة الحاكمة لابوظبي للشيخ خالد بالعودة من منفاه من اجل زيارة والده الذي كان في مستشفى في ابوظبي، وقد سمح له بالبقاء في قصر زوجته في كلباء وهي مدينة تابعة لامارة الشارقة التي تعتبر ثالث اغنى امارة وقد تزوجت احدى بنات الشيخ خالد من احد افراد العائلة الحاكمة في الشارقة في عام 2009.

ونظراً لموقف الصقور في ابوظبي مع ايران، يعتقد بعض المراقبين انه من المنطقي  ان تقوم العاصمة الاماراتية بالقضاء على اي روابط لرأس الخيمة مع ايران سواء كانت حقيقية او وهمية.

حينما توفي صقر صبيحة يوم السابع والعشرين من اكتوبر، كان هناك عدة ساعات من الارتباك، فعاد خالد للدخول الى رأس الخيمة وتثبيت نفسه في قصره قبل العام 2003 مع ما يزيد مع مئة من انصاره وخدمه ، وقد تم وعده قبل ذلك من قبل العوائل الحاكمة في ابوظبي ودبي بان يتم السماح له بحضور جنازة والده ويبدو انه استنتج سيتم تسليم الحكم له سلمياً وبصورة سريعة.

ومع مرور ساعات الظهر كان الشيخ سعود مايزال ولياً للعهد، وكان هناك بيان صادر عن وزارة الشؤون الرئاسية تهنئ الحاكم الجديد بمنصبه ، بدأت الاليات العسكرية بالوصول الى رأس الخيمة وتم اعتقال اغلب حرس الشيخ خالد وتم الابقاء عليهم للاستجواب، وقد تم منع خالد وولده من حضور الجنازة.

ومع اعلان خالد ان يعتزم لقاء اعضاء المجلس الاعلى للحكام من اجل مناقشة مستقبل رأس الخيمة ، يبدو ان الرجل غير مستعد لاسقاط دعواه رغم ان عليه مغادرة امارته ، وان لم يحل هذا الامر سيظل هذا هو التحدي الرئيسي الذي سيقوض سلطة سعود ويمكن ان يؤثر على عدم الاستقرار مجدداً في المستقبل.

ويمكن ايضاً للصعوبات الاقتصادية ان تضعف سعود خصوصا وان اقتصاد الامارة لايظهر اي علامات للانتعاش ومازالت معدلات اشغال الفنادق واسعار العقارات منخفضة تشبه معدلات دبي.

طبيعة تولي الحكم في رأس الخيمة تضفي بعض الشرعية على سعود لكنه على المستوى الكلي مازال يقوض تماسك الدولة الاتحادية نظراً لان عملية الخلافة قررت من جانب واحد هو ابوظبي او بالاحرى من قبل فصيل قوي في ابوظبي لا يحظى بالكثير من الشعبية، وبموجب الدستور الاتحادي يجب ان تبقى شؤون الخلافة داخلية لكل امارة فوفق ذلك يجب ان تقرر القبائل والعائلة الحاكمة في رأس الخيمة بالتشاور من هو الحاكم دون وجود تدخل خارجي من ابوظبي او من قبل الحكومة الاتحادية التي تهيمن عليها ابوظبي.

كريستوفر دافيدسون اكاديمي متخصص في شؤون الامارات والخليج ونشرت المقالة في موقع كارنت انتلجانس

http://www.currentintelligence.net/gulfstream/2010/11/1/the-politics-of-succession-in-ras-al-khaimah.html

These icons link to social bookmarking sites where readers can share and discover new web pages.
  • Digg
  • Sphinn
  • del.icio.us
  • Facebook
  • Mixx
  • Google
  • Furl
  • Reddit
  • Spurl
  • StumbleUpon
  • Technorati

المدونة في سطور

أرشيف المدونة