كندر يعود من جديد

بتاريخ الأحد، 25 أكتوبر 2009

كندر 3


قبل قيام دولة الإمارات كانت البيئة أقرب إلى البدائية منها إلى الحضارة ، لم يعرف أجدادنا أو آباؤنا تقنية الكهرباء و أنابيب المياه التي تصل إلى المنازل ، فكان اعتمادهم على ( كندر) و هو لفظ يطلق على بائع الماء أو الكاز الذي ينقله على ظهر حماره و يمر به بين منازل ـ الفريج ـ لتزويدها بما تحتاجه من ماء أو كاز يستخدم لإشعال المصابيح ( المصرَيْ سابقا ، و الفنر لاحقا).
كان هذا ما يخص فئة الحضر و هم من يسكن المناطق القريبة من البحار ، أما البدو فكانوا يعتمدون على الرواء من الآبار ، و هي مهنة غالبا ما تمارسها النساء في إحضار المياه العذبة إلى منازلهن . تبدلت الحياة بعد قيام الاتحاد و عرفت الحضارة طريقها إلينا و إن كانت هناك بعض الإمارات التي استقطبت هذه الحضارة قبل قيام الاتحاد و سبقت غيرها إلا أن الاستخدام التقني لمولدات الكهرباء و إمدادات المياه لم يكن منتشرا على نطاق واسع ، فحتى تلك الإمارات السباقة للحداثة كانت تعاني من نقص في تلك الإمدادات .
بعد قيام دولة الإمارات ، و حسب ما ينص عليه دستورها تنفيذا و تشريعا ، التزمت الحكومة الاتحادية بتنفيذ هذا البند الدستوري الهام فقفزت قفزة سريعة و مذهلة نحو الحضارة التي تنامت بشكل مطرد خلال عمر هذه الدولة الغض . لكن بمرور الأيام بدأ هذا الدور في التقلص و التراجع و بدأ بروز مشكلات نقص المياه و الكهرباء عاملا مقلقا لحياة المواطن و المقيم ، و للأسف أصبحت رأس الخيمة النموذج الأكثر سوءا لهذا النقص . بعض الإمارات قامت بسد هذا النقص محليا و تولت أمر إمدادت المياه و الكهرباء على حساب الحكومة المحلية كي لا تشعر مواطنيها بهذه الأزمة الغير حضارية .
بينما الوضع في رأس الخيمة مختلف جدا ، فعصابة سعود و إخوته استحوذت على معظم حصة الإمارة الاتحادية من الماء و الكهرباء سواء لمنازلها أو مشاريعها أو مصانعها ، و ما ملعب الجولف إلا نموذجا لمثل هذا الاستغلال البشع للسلطة ، فقد تم ربطه بالتيار الكهربائي الذي يصل إلى بيت الحاكم و كذلك بأنبوب المياه الواصل إليه . و لأن الحاكم معفي من كوتا الاستخدام أو قيمة الاستهلاك ، لذا لجأت هذه العصابة إلى استغلال هذا الحق أسوأ استغلال ، فقاموا بسحب أكبر قدر من المياه العذبة و التيار الكهربائي لتشغيل مشروعهم الخاص على حساب المواطن .
لم يفكر سعود و عصابته بتوفير النقص في هذين الموردين الحيويين الضرورين لحياة المواطن كما فعلت الإمارات الأخرى ، و لم يبقوا له حتى على حصته من الدولة ، بل سرقوا حقه و لم يفعلوا القليل الذي يحتاجه . فأصبح التيار الكهربائي يصل لساعات معدودة في النهار و ينقطع باقي ساعات اليوم ، أما الماء فيصل يوما و ينقطع يومين أو أكثر ، لكن سعود و عصابته لا يعانون من هذه المشكلة بتاتا و لا يعرفون معنى أن ينقطع التيار في عز الصيف و الحراة تبلغ الخمسين درجة مئوية و الرطوبة 100% لدرجة أن الفرد لا يستطيع التنفس ، و يفتح صنبور المياه ليسمع صفير الهواء فيه ، فأين يذهب المواطن بعائلته ، أطفاله ، والديه العاجزين ، مريض العائلة ....الخ ؟
و من المحزن أن نقرأ و نسمع عن مشاريع عملاقة سوف يقوم سعود و عصابته بتنفيذها على أرض إمارة تفتقر لأبسط مقومات الحياة و تروج لها للأسف وسائل إعلام الدولة و هي تعلم تماما إن هي إلا مشاريعا وهمية تختفي خلفها عمليات التهريب و غسيل الأموال.
لقد عاد كندر من جديد إلى إمارتنا الحبيبة ـ و لكن بصورة جديدة ! لقد استبدل الحمار بـ ( تنكر) المياه العذبة يملأ منها خزانات البيوت الخالية ، و آخر بـ ( تنكر ) الكاز لإضاءة المصابيح أو مواقد الطبخ بعد أن تم احتكار تجارة توريد الغاز بيد فئة معينة استغلت حاجة الناس إليه و تحكمت في أسعاره ... لقد عاد كندر إلى الواجهة من جديد ، و بعودته يعيد لنا حياة ما قبل الاتحاد، فهل يا ترى وصلنا إلى نقطة القمة التي يبدأ بعدها الانحدار ، بالنسبة لرأس الخيمة لقد بدأت مشوار الانحدار السريع نحو الهاوية و لن نقول نحو البدائية ، لأن ما يدور فيها ينذر بعاصفة الفناء .

These icons link to social bookmarking sites where readers can share and discover new web pages.
  • Digg
  • Sphinn
  • del.icio.us
  • Facebook
  • Mixx
  • Google
  • Furl
  • Reddit
  • Spurl
  • StumbleUpon
  • Technorati

التعليقات

تفضل بكتابة تعليق

المدونة في سطور

أرشيف المدونة