دولة عنصرية في جلباب الجاهلية

بتاريخ الأحد، 8 نوفمبر 2009

 

إن قضية حجب المدونات و المواقع الإليكترونية هي نسخة مطورة من تخلف الإعرابي الذي تتندر به كتب التاريخ العربي .

حين يغضب الطفل فإنه يقوم بتكسير لعبته معبرا عن غضبه و انتقامه ـ و هو لا يعلم أن الخاسر في الغضب هو نفسه ـ لذا نرى أم أجهزة الأمن في الفترة الأخيرة أطلقت كلابها المسعورة في المنتديات للترويج للفساد و تصويره في شكل إصلاح و التقليل من شأن المصلحين و نعتهم بالمغرضين .

مثل هذه الأفعال لا يقدم عليها إلا من أصيب عقله بآفة التخلف و الجهل ـ ظانا أنه يخدع الناس بما يكتب و يستدرجهم من حيث لا يعلمون ـ غير أن الحقيقة أن هذه الأجهزة تسقط عن نفسها ورقة التوت لتظهر على حقيقتها البائسة اليائسة أمام الناس فالواقع المعاش لا تغيره الأقلام المأجورة و المأمورة من قبل أسيادها الذين تنتظر منهم فضلات موائدهم كي تعتاش عليها ، و أن للشعوب نظرة ووعي قلـّما نجد ما يماثلها عند أولئك الأسياد الورقيين .

و المتابع العارف يلاحظ وجود تلك الأقلام المغرضة تنتسب للمنتديات بمعرفات عدة و تدير حوارا بينها و بين نفسها بمعرفاتها المختلفة لتحدث تفاعلا للموضوع المدرج كي تقنع صاحب الأجر بأهمية ما يكتب من مواضيع ساذجة مملة تبرز فيها تلك الروح الأجيرة بين سطورها و مفرداتها و إيحاءاتها .

و لأن قياسهم لذكاء القارئ يعتمد على مقارناتهم بما يملك ، إن كان يملك ، القليل من العقل و النسبة المتواضعة جدا من التحليل و النقد ، لذا فإنه يعتقد جهلا بأن القارئ سوف يصدق ما يقرأه لا ما يراه . حيلة قديمة اتبعتها أجهزة المخابرات منذ عصور مضت لكنها لا تلائم وضع العصر التكنولوجي و الأساليب المخابراتية الحديثة .

إن المؤلم في الوضع ليس تلك الأقلام الأجيرة الضحلة الغبية التي تكرر نفسها في جميع المنتديات بما لا يدع مجالا للشك بأن المصدر هو نفسه مهما تعددت معرفاته ، إلا أن المؤلم حقا هو ترهل الإدارة السياسية في الدولة و سطحية التفكير الناتج عن الجهل . ففي الوقت الذي تسعى فيه الدول الكبرى إلى تعزيز ديمقراطية شعوبها و مشاركتهم في صنع القرار و منحهم فرصة التعبير عن الرأي و النقد الهادف ، نرى هذه الإدارات تسعى لقمع تلك الحريات و تضليل شعوبها بحيل بائدة فاسدة تعكس تناقضا للواقع و غرضا مشبوها للوصول إلى هدف أقل ما يقال عنه لا يخدم مصلحة الوطن أو المواطن .

فهل من أمل أن تستيقظ تلك القيادات من غفلتها و استغفال أجهزتها لها لترى أنها تعيش في عصر التكنولوجيا و احترام الإنسان ، و أن الأمم قد تعدت عصور الجاهلية الأولى إلى عصر الفضاء ـ و ما كان يليق بشيخ القبيلة تحت خيمة الشعر لم يعد صالحا للقرن الحادي و العشرين .

متى سوف تتخلص الأجهزة السياسية في الدولة من أولئك الحمقى و المغرضين و العابثين و ترى واقعها من خلال منظار الحقيقة و ليس من وراء سحب التضليل و الخداع ؟ ربما ذلك حلم بعيد المنال !

These icons link to social bookmarking sites where readers can share and discover new web pages.
  • Digg
  • Sphinn
  • del.icio.us
  • Facebook
  • Mixx
  • Google
  • Furl
  • Reddit
  • Spurl
  • StumbleUpon
  • Technorati

التعليقات

تفضل بكتابة تعليق

المدونة في سطور

أرشيف المدونة