ارحل يا مواطن ، فقد بدأ عهد الاستثمار

بتاريخ الخميس، 17 سبتمبر 2009






اشتهر أبناء رأس الخيمة بثقافتهم و اجتهادهم و جديتهم في العمل ، فأخلصوا لدولتهم أيما إخلاص و كانت بدايتهم مع هذه الدولة تبشر بالخير و النماء ، ألا أنها سرعان ما بدأت في التآكل لظروف عدة ، و أصبحت رأس الخيمة ينظر إليها من منظور دوني ، ولم لا وتلك العصابة التي أنتجتها سكينة الغرير و هي الطغمة الحاكمة في الإمارة أصبحت تنهب الإمارة و أهلها شيئا فشيئا ، و يتم ذلك بموافقة من الحاكم العجوز الضرير الذي أصبح كدمية في يد سكينة و إخوانها و أبنائها ، حتى أتى اليوم الذي سيطرت فيه تلك العصابة على الإمارة ومقاليد الحكم فيها.
تحولت رأس الخيمة من إمارة هادئة آمنة إلى إمارة تضج بالمشاريع الخاصة و هدير المصانع السامة ـ و لم يبقَ برّا و لا بحرا و لا جبلا و هواءا إلا و أصبح هدفا لمعاول التدمير . فشمال الإمارة خصص للمصانع و الكسارات التي أتت على جبالها الشاهقة لتخلق منها جزرا صناعية في دبي و تصدر لباقي دول الخليج ، فأصبحت جينات رأس الخيمة مزروعة في كل دولة من دول الخليج على شكل جزر صناعية.
تم اتخاذ قرار ترحيل السكان من تلك المناطق بحجة أنها مناطق صناعية غير صالحة لحياة البشر نظرا لما تنتجه تلك الكسارات من أتربة و غبار إضافة إلى أدخنة المصانع السامة – جاء هذا القرار بعد أن أتلفت شهوتهم للمال و جشعهم المتنامي في تضخيم أرصدتهم البنكية براءة و نظافة تلك المناطق و لا يهمهم في المقابل إن كان الثمن هو تجريد المناطق من أهلها أو إصابتهم بالأمراض الخطيرة القاتلة .
لم يكفهم الشمال فاتجهوا إلى الجنوب حيث إذن و كدرة و الغيل وشوكة و سيح البانة و مسافي و غيرها الكثير من هذه المناطق التي تشتهر بجمالها الطبيعي و مزارعها الخضراء و هوائها النقي و جبالها الشاهقة فعملت معاولهم الهادمة فيها فأنتشرت الكسارات كانتشار السرطان في الجسد إلى جانب المصانع المختلفة و التي تنتج معظمها مواد بتروكيماوية سامة، و هذا ما أحدث الخلاف الأخير مع قبيلة الخواطر و أشرنا إليه في موضوع سابق . و جاء القرار مرة أخرى بإجلاء سكان هذه المناطق بحجة أنها غير صالحة للحياة البشرية !
بقي الوسط ، المدينة و ما جاورها ، فهل كانت ستبقى مدنا للسكن و الحياة ؟ لا .. فتلك العصابة لا تكتفي بشيء أبدا فانتشرت المصانع بين المنازل و الدور و الأحياء المكتظة بالسكان ، و أصبحت تصدر غازاتها السامة التي لا يمكن الحياة معها ، فكان القرار أيضا بترحيل الساكنين عن هذه المناطق بحجة الاستثمار.
بقي البحر ، لا يمكن أن يرونه هكذا هادئا جميلا بشواطئ ممتدة رائعة فوضعت له الخطط التدميرية لاغتصابه هو الأخر ، فارتفعت الأسوار الشاهقة التي تنافس سور الصين العظيم لتحجب رؤية تلك الشواطئ عن سكان الإمارة و تصبح فقط للاستخدام الشخصي لهذه العصابة الباغية ، فأنشئت الموانئ الخاصة التي لا تخضع لأية رقابة أمنية لاستغلالها في التهريب بكل أشكاله و تم تأجير بعضها بالخفاء على دول معادية كتلك التي في مشروع جزيرة الحمراء الذي يمتلك أغلبه عناصر في الحزب الجمهوري الإيراني بما في ذلك موانئ خاصة بهم ، و أصبح البحر منفذا لدخول العمالة الوافدة غير القانونية التي تقوم تلك العصابة ببيع التأشيرات عليها ثم تسريحها في الدولة لتخلق أوكارا للجريمة و الخلايا النائمة ، كما تم دفن مناطق من ذلك البحر ، العريق بتاريخه و نضاله ، لتصبح جزرا اصطناعية تباع للغريب بمليارات الدولارات و العدو يقيم عليها ممتلكاته بما تحتويه تلك الممتلكات من مخالفات خطيرة بأمن الوطن و المواطن الذي يقبع تحت خط الفقر برغم تلك المليارات التي تضخ في خزينة العصابة من سرقة المال العام و بيع الوطن .
هكذا أصبح المواطن مرحل من الجنوب و الشمال و الوسط و محروم حتى من رؤية البحر ، فإلى أين ينتهي به هذا المصير المفروض عليه بحجة الاستثمار الخاص ؟ لقد أصبح المواطن عالة على تلك العصابة التي تعمد إلى اتباع سياسة التهجير إما بالإكره أو هربا من الأمراض الخطيرة التي تفتك بالصحة العامة ، أو تفاديا لحوادث الشاحنات التي تمشط شوارع الإمارة ليل نهار و هي تحمل الصخور و المواد المتفجرة الخطيرة التي تستخدم في هدم تلك الجبال الشامخة ، و كم قرأنا و رأينا تلك الحوادث البشعة التي راح ضحيتها أبنائنا دهسا تحت عجلات تلك الشاحنات ، إضافة إلى ما ينتج عن مروها على الشوارع من تدمير للبنية التحتية المتواضعة أصلا .
لقد انتهى عهد الحلم الوردي الذي سكن في فكر المواطن من هذه الإمارة و بدأ عهد التهجير من الأرض لاغتصابها و امتلاكها لمشاريع استثمارية خاصة تخص عصابة تتحكم بمقاليد هذه الإمارة ، و دائما برضى تام و قبول من قبل الحكومة الاتحادية التي لم تحرك ساكنا لوقف تلك الجرائم !
إنها حكاية فلسطين الحديثة تتكرر ولكن بصورة أكثر بشاعة و إيلاما حيث أن من يقوم بتهجيرك هو الذي يفترض به أن يحميك و ليس عدوك ، و إن أسباب التهجير ليس لبناء مستوطنات بشرية بل لإقامة مشاريع استثمارية قاتلة تخص تلك الفئة المغتصبة . و لا حول و لا قو إلا بالله ، و إنا لله و إنا إليه راجعون .

These icons link to social bookmarking sites where readers can share and discover new web pages.
  • Digg
  • Sphinn
  • del.icio.us
  • Facebook
  • Mixx
  • Google
  • Furl
  • Reddit
  • Spurl
  • StumbleUpon
  • Technorati

التعليقات

تفضل بكتابة تعليق

المدونة في سطور

أرشيف المدونة