سياسة التطفيش

بتاريخ الخميس، 17 سبتمبر 2009


الذي يذهب إلى رأس الخيمة يخيل إليه أنه في منطقة منكوبة ـ تعاني من آثار زلزال أتى على شوارعها أو ربما تعرضت لحرب أودت بكل مقومات الحياة فيها ـ فتلك الشوارع لا تدل على آثار مدينة يفترض أنها جزء من دولة نفطية تنتشر هباتها و مساعدتها على أرجاء الكرة الأرضية و تتعرقل في الوصول إلى جزء مهم منها .
إن ما آلت إليه شوارع وطرقات رأس الخيمة، من حيث ضيق مساحاتها وتآكل الإسفلت فيها، وصيام أعمدة الإنارة عن الإضاءة ليلا، ووجود حفر ومنحنيات خطيرة، وغيرها من الأوضاع التي جعلت من القيادة فيها خطرا حقيقيا على مستخدميها، لهو وضع يثير الكثير من التساؤلات المؤلمة ، فمن هو ولي الأمر الذي يتحمل المسؤولية في ارتفاع الحوادث المرورية القاتلة هناك؟ و لماذا يتعمد هذا المسئول تدمير البنية التحتية لهذه الإمارة أو على أقل تقدير إهمال إصلاحها ؟ حتى أن شركات التأمين بمجرد أن تعرف أن السيارة مسجلة في مرور رأس الخيمة حتى تخرج لك بقائمة من الشروط الغريبة إضافة إلى المبالغة في قيمة التأمين ، فتلك الشركات تعلم أن هذه المركبة لن تسير على شوارع بالمعنى المعروف ، عدا عن أن أعلى نسبة حوادث قاتلة تسجل في هذه الإمارة . إذا حاولت مرة الذهاب إلى منطقة الطويين الجبلية فأعلم أنك سوف تسير على طريق الموت ، هذا الشارع ذو الحارة الواحدة و الذي لا توجد به إنارة بينما يمتلئ بالحفر و تتآكل أطرافه لتجعل بينك وبين الموت شعرة ، يقطعها مرور شاحنة محملة بالصخور من الكسارات لتجعلك في غياهب الوادي! و لمن لا يعلم عن هذا الشارع فهو الشارع الوحيد الذي يستخدمه سكان تلك المناطق و تطوف عليه حافلات التلاميذ الذاهبين لمدارسهم صباح مساء و كذلك الموظفين ، أولياء الأمور ، الذين يعملون في المؤسسات و الدوائر.
إن تلك الممارسات المريبة التي تقوم بها عصابة سعود هي جزء من سياسة تطفيش المواطن كي لا يشعر بالاطمئنان أبدا أينما ولّى وجهه ، فهو بين نيران الفساد الذي يستشري في إمارته و مصائد الموت على تلك الشوارع المتآكلة و حلكة الظلام الذي يخيم على الإمارة حتى لا تجعله يرى ما أمامه . و التاريخ يعلمنا أن عمل العصابات لا يمكن أن يتم إلا تحت جنح الظلام، ظلام بالمعنيين ، إنطفاء النور المعروف ، و إنطفاء نور المعرفة ، و هذا ما تمارسه هذه العصابة بحق الوطن . إن تعمدها لإبقاء الوضع في رأس الخيمة على هذا الشكل من التردي هو أحدى الخطط التي تعتمدها في تطفيش المواطن لاستلاب ماله و أرضه و إحلال الغريب الذي يخدم مصلحتها .
هل كان لنا نحن أبناء دولة الإمارات أن نحيا تحت إدارة عصابة محترفة تمارس علينا الجريمة بكل أنواعها ؟ هل كان انضمامنا لدولة الإمارت ليس سوى طموحنا و أملنا أن نصبح جزءا من هذا الشعب الذي يحميه الدستور و القانون ؟ هل أقسمنا قسم الولاء لولي أمر هذه الدولة سوى لحمايتا و حماية أرواحنا و أمننا و صيانة وطننا ؟ هل كان تقديسنا لذلك الدستور ليس سوى إيماننا ببنوده التي تجرم انتهاك الحقوق و الملكيات و الأرض و الوطن ؟ ترى هل أخللنا يوما بانتمائنا لهذه الدولة و الإخلاص لها كي يكون جزاؤنا أن نصبح لقمة سائغة بيد عصابة إجرامية تستظل بحماية الدولة لها ؟ هل أصبحت تلك العصابة من القوة بحيث أنها أغلقت سمع و بصر الحكومة الاتحادية و كبلت يدها عن تطبيق القانون ؟ هل وصل الحال بهذه الدولة إلى هذا المستوى من الإنهاك و الضعف و التخاذل بحيث أصبحت عاجزة عن حماية مواطنيها من أعداء الداخل قبل الخارج ؟ إذا ماذا ننتظر من هذه الدولة التي رسمناها في خيالنا حلما ورديا فتحول إلى كابوسا مظلما يقض منامنا و صحونا ؟ إننا اليوم ننظر إلى الماضي قبل قيام هذه الدولة ، و نتذكر أيام الأمن و الاستقرار ، و لم يصادف أن اشتكى مواطنا من ظلم ولي أمره له، و ننظر لحالنا اليوم بعد أن أصبحنا في غابة يأكل القوي فيها الضعيف .. فهل آن الأوان أن نعود لسيرتنا الأولى فيعود لنا أمننا المفقود ، و تعود لنا حياتنا البسيطة التي ما عرفت الظلم و الجريمة المنظمة التي تحميها الدولة .

These icons link to social bookmarking sites where readers can share and discover new web pages.
  • Digg
  • Sphinn
  • del.icio.us
  • Facebook
  • Mixx
  • Google
  • Furl
  • Reddit
  • Spurl
  • StumbleUpon
  • Technorati

التعليقات

تفضل بكتابة تعليق

المدونة في سطور

أرشيف المدونة